يحتاج العطاء الاستراتيجي إلى التزام جاد تجاه رأس المال الصبور.  ينطبق ذلك على مجال التركيز الأساسي لمؤسسة عبد الله الغرير للتعليم وهو التعليم في العالم العربي.  برغم أن وجود نظرة بعيدة المدى يعد من أساسيات تحقيق تغيير حقيقي على مستوى النظام، إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يمكن قياس أي شيء خلال بصفة مرحلية.  ومع أن المتبرع الحريص على متابعة آثار ما يقدمه قد يمتعض من رأس المال الصبور، إلا أن بيانات الأداء الدورية المُقيّمة لآثار الاستثمار كفيلةٌ بالحد من وطأة ذلك عليه.

العطاء الاستراتيجي – روما لم تبنى في يوم واحد
نعلم جميعاً أن روما لم تبنى في يوم واحد، ولكن لا شك أن أحجار البناء كانت تفحص بصفة دورية مع قياس مدى تقدم سير العمل إلى حين إنجاز خطة بناء المدينة.  ينطبق نفس المبدأ على تقييم أثر العطاء الاستراتيجي طويل الأمد. فلا يمكن إرجاء عملية التقييم حتى الانتهاء من صرف جميع الأموال أو بدء تشغيل البرنامج.  فالاعتماد بشكل كلي على التقييم ما بعد الإنجاز يحول دون الاستفادة من الفرص المتاحة لتحسين البرنامج والتي ستؤدي حتماً إلى نتائج أفضل.

وضع العربة أمام الحصان
تحرص مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم على تقييم الأثر بنظرة شمولية ليس فقط عبر منحه دوراً هاماً ضمن عمليات المؤسسة ولكن عبر تبني ممارسات المتابعة والتقييم في جميع مراحل وجوانب تصميم البرامج وتنفيذها.  وقد وضعت استراتيجيتها استناداً إلى إطار عمل يركز على نتائج التنمية والتطوير الست المحددة بوضوح والتي تهدف المؤسسة لتحقيقها على مدار دورة أعمالها التي تمتد لمدة 10 أعوام.   قامت المؤسسة بعد ذلك بوضع برامجها بصورة تمكنها من تحقيق تلك النتائج المحددة.  وعليه تقوم المؤسسة، على المستوى الاستراتيجي، بتنفيذ البرامج المرتبطة بإحدى النتائج التي تهدف لتحقيقها.  أما على المستوى التشغيلي، فإن مؤسسة عبد الله الغرير تقوم فقط بتنفيذ الأنشطة وتوسيع الموارد التي تؤدي إلى تعزيز مركزها وقدرتها على تحقيق النتائج المرجوة.

بدأنا مع وضع النهاية نصب أعيننا، فقد يرى البعض أن طريقتنا تشبه وضع النتائج “العربة” قبل العمليات التشغيلية “الحصان”. ولكننا في مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم نرى أن إيلاء الأهمية لتقييم الأثر يعود بفائدة كبيرة من حيث التركيز على الأهداف ما يؤدي في نهاية الأمر إلى تحقيق النتائج المرجوة.  ويعمل إطار النتائج كمنارة تسمح لنا بالتركيز على أهدافنا برغم العديد من عوامل التشتيت التي تواجهنا في صورة احتياجات إقليمية ملحة خارج نطاق أعمالنا.  في عالمنا محدود الموارد، يصبح الإطار المرتكز على النتائج حجة منطقية تمكننا من رفض أية مبادرات لا تدخل ضمن ذلك الإطار.

نخطط للاستفادة من النتائج قبل حدوثها
إننا في مؤسسة عبد الله الغرير نعمل على كبح جماحنا نحو تحقيق النتائج المباشرة، وذلك من خلال عملية المتابعة والتقييم الداخلية التي تقدم معلومات مرحلية ثابتة عن أداء البرنامج.  وعلى الرغم من وجود إطار للنتائج، إلا أن المؤسسة تراقب وتتابع مجموعة من المؤشرات الكمية والنوعية التي تُبرز مع مرور الوقت الأشياء التي تسير بشكل جيد وتلك التي تحتاج إلى تصحيح مسار.  وبرغم أن برامجنا تستلزم جهوداً على مدار عدة أعوام، إلا أنه تتم متابعة المؤشرات كل ستة أشهر مقابل الأهداف السنوية بحيث تقدم تأكيداً على سير البرنامج على المسار الصحيح أو تشير إلى الحاجة لاتخاذ إجراءات تصحيحية.  وعلى الرغم من أن متابعة وتقييم النتائج المرحلية يمثل جهداً ونفقات إضافية، إلا أن المؤسسة تسترد قيمة الجهد والنفقات وتحصد ثمارها بتحسين مستويات العوائد على الاستثمار والتعلم من الدروس المستفادة التي تعود بالفائدة على نظيراتها وشركائها على مستوى مختلف القطاعات.