القيادة في التميز التنظيمي الأخلاقي
stc مؤلف: السيد جليل غاني، المستشار الأول للامتثال والأخلاقيات المؤسسية في مجموعة
في بيئة المنظمات دائمة التطور، والتي تتميز بالتقدم التقني السريع والترابط العالمي، فإن النتائج المالية ليست سوى عنصر واحد في معادلة النجاح. حيث تتطلب الشركات اليوم ما هو أكثر من مجرد الأرباح؛ فهي تعطي أيضا أولوية للنهوض بالمسؤولية.
وما كان يُنظر إليه في السابق على أنه مجرد واجب أخلاقي، أصبحت القيادة الأخلاقية تؤدي الآن دوراً رئيسياً في صناعة القرارات ضمن مختلف الصناعات وقطاعات الأعمال، مهما كان حجمها.
وفي حين أن اختيار السلوك الأخلاقي يتعلق بالأخلاق، فهو أيضاً قرار يؤثر على سمعة العلامة التجارية، وثقة أصحاب المصلحة، ومعنويات الموظفين، والاستدامة على المدى الطويل.
ولذلك، أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى، تعزيز الثقافة الأخلاقية التي تمهد الطريق للنجاح التنظيمي الشامل.
المزايا متعددة الأوجه للثقافة التنظيمية الأخلاقية
يوفر تعزيز الثقافة الأخلاقية في المنظمة العديد من الفوائد على المستوى الداخلي، مثل تحسين معنويات الموظفين، وعملية اتخاذ القرار، وتقليل المخاطر. أما على المستوى الخارجي، فهو يعزز سمعة الشركة، ويبني ثقة أصحاب المصلحة، ويوفر ميزة تنافسية.
وإضافة إلى ذلك، عندما يتجسد السلوك الأخلاقي في ثقافة القيادة العليا، فإنها تضع معياراً للمنظمة بأكملها. ويسري هذا النهج من الأعلى إلى الأسفل، ولا يكتفي بوضع مبادئ توجيهية أخلاقية واضحة فحسب، بل يشجع أيضاً على الشفافية والحوارات المفتوحة.
ولا تقتصر الشفافية على أن يكون القادة منفتحين على فريق العمل لديهم، بل يتعلق الأمر أيضاً بخلق بيئة يشعر فيها الموظفون على جميع المستويات، بالقدرة على التعبير عن مخاوفهم، واقتراح التحسينات، والمشاركة بنشاط في الرحلة الأخلاقية للمنظمة.
stc: رسم مسار التميز الأخلاقي
تعد مجموعة stc، ممكن التحول الرقمي، مجموعة سعودية رائدة، مدرجة في سوق الأسهم، مقرها الرئيسي في الرياض، وتقدم مجموعة متنوعة من حلول الاتصالات وتقنية المعلومات (ICT) والخدمات الرقمية في المملكة العربية السعودية والمنطقة. وتوفر المجموعة خدماتها في عدة مجالات، منها الاتصالات والبنية الرقمية، تقنية المعلومات، الأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، انترنت الأشياء، التقنية المالية، الإعلام، الألعاب الالكترونية، وغيرها من الحلول الرقمية المتقدمة. وتضم المجموعة أكثر من 22,000 موظف.
ترتكز فلسفة مجموعة stc على الالتزام القوي بالقيادة الأخلاقية. حيث يمثل ذلك الأساس المتين، الذي يقوم عليه برنامج الأخلاقيات والالتزام “ميثاق الأخلاقيات” الخاص بالمجموعة، والذي يحمل عنوان “بنزاهتنا نروح أبعد”. ويمثل الميثاق وثيقة شاملة تهدف إلى ضمان التزام المجموعة وإتمام أعمالها بأعلى المعايير الأخلاقية.
وتعد كل من المسؤولية ومشاركة القادة من بين أهم الجوانب في برنامج الأخلاقيات والالتزام لمجموعة stc. وتؤدي كل من الإدارة التنفيذية، التي تضع الرؤية الأخلاقية الشاملة، والإدارة الوسطى، التي تربط هذه الرؤية مع الموظفين، أدواراً حاسمة ضمن مجموعة stc في دعم وتعزيز ثقافة النزاهة. ويضمن ذلك قيم النزاهة والسلوك الأخلاقي المتجذرة بعمق في كل مستوى إداري من مستويات المنظمة.
وقد أدت القيادة التنفيذية للمجموعة دوراً مهمًا في إظهار تفرغها للرؤية الأخلاقية للشركة إذ جرى إطلاق برنامج الأخلاقيات والالتزام خلال عام 2020، حيث أقامت ورشة عمل حول القيادة الأخلاقية خاصة بجائحة كوفيد-19. بمشاركة الرئيس التنفيذي وأعضاء الإدارة التنفيذية. وقد عكس هذا الاهتمام المباشر رسالة واضحة لجميع الموظفين والقادة حول الأهمية التي توليها قيادة المجموعة للبرنامج والتزام stc بالنزاهة. معلنين عن تعهدات شخصية لتعزيز ثقافة النزاهة داخل المجموعة.
ورغم أهمية “أسلوب الإدارة العليا” بهذا الشأن إلا أن مسؤولية تعزيز الثقافة الأخلاقية امتدت الى “أسلوب الإدارة الوسطى” حيث حرصت مجموعة stc بأن يؤدي المدراء على جميع المستويات، دوراً نشطاً في تعزيز هذه القيم. وجرى وضع ذلك قيد التنفيذ في كافة الجلسات الحوارية، بدءاً من إصدار التقارير المباشرة للرئيس التنفيذي للمجموعة، وصولاً إلى مدراء الأقسام. ولم تكتف هذه الجلسات بتعزيز المناقشات المفتوحة حول الأخلاقيات فحسب، بل أنشأت أيضاً قنوات اتصال للجميع لتمكين العاملين من التواصل بشافية، مع التركيز على الدور الحاسم الذي تؤديه الإدارة الوسطى في ترسيخ القيم الأخلاقية ضمن رؤية المجموعة.
تكييف المبادئ الأخلاقية العالمية لتلبية الاحتياجات الخاصة بالمنظمة
في حين تقدم مجموعة stc مثالاً بارزاً للقيادة الأخلاقية، من المهم أن ندرك أن العمليات والهياكل نفسها، قد لا تناسب جميع المنظمات. ومع ذلك، فإن المبادئ الأساسية للقيادة والشفافية والمسؤولية والحوارات المفتوحة، أمور قابلة للتطبيق في أي مكان في العالم.
ويمكن لكل منظمة، بغض النظر عن حجمها أو قطاعاتها، التكيف مع هذه المبادئ لتلبية احتياجاتها وتحدياتها وأهدافها الخاصة بها.
أما كلمة السر في ذلك، فإنها تتركز فهم القيم الأساسية وضمان دمجها بعمق في عمل المنظمة وثقافتها.
القيادة الأخلاقية: الميزة التنافسية الحديثة
وفي عالم اليوم، لا تكتفي المنظمات، التي تمنح الأولوية للقيادة الأخلاقية وتقوم بممارستها، باكتساب الثقة فقط، بل إنها تحصل أيضاً على ميزة تنافسية.
وفي عالم يصبح فيه المستهلكون وأصحاب المصلحة أكثر وعيًا بسلوك المنظمة وقيمها، يمكن أن تكون القيادة الأخلاقية والنهوض بالمسؤولية، ضمن أهم العوامل الرئيسية، التي تميز المنظمة وتكسبها المزيد من الاحترام، مقارنة بنظيراتها.
ا