في 6 يونيو 2023، عقدت مبادرة بيرل اجتماعها الخامس ل”مجموعة عمل التنوع في قيادة الأعمال” التي تتكون من شركات رائدة في المنطقة، منها مجموعة شلهوب، ودانة غاز، وشِل، والهلال للمشاريع، وبي دبليو سي، ومارش وسابِك. ركّز الاجتماع على قضية التحيزات الواعية وغير الواعية في عملية التوظيف مبيناً تعقيداتها وتعدد صورها. وجاء هذا الاجتماع بناءً على التقدم الملحوظ المحرز إلى الآن في سياق تعزيز دور المرأة ومشاركتها في قوى العمل، وتطلُّعاً إلى تحقيق المزيد من النمو والتحسين في هذا الخصوص.

شهدت المنطقة مبادراتٍ عدة وجهوداً حثيثة لتحقيق تكافؤٍ في الفرص المقدمة للمرأة والرجل في مكان العمل، ولكن ما يزال معدل توظيف المرأة في سن العمل في دول الخليج اعتباراً من 2022 لا يتعدى 40%، مقابل 64% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ولعل في هذا التباين فرصةٌ مهمة للتحسين، تدعو إلى إجراء تحليلٍ شاملٍ لممارسات التوظيف الحالية من أجل تحديد مواطن النقص وضمان توفر فرص عادلة ومتكافئة لجميع الأفراد.

وناقشت مجموعة العمل خلال الاجتماع تجارب عالمية أُجريت لدراسة مسألة التحيز والتمييز بين الجنسين في عملية التوظيف، ووجدت أن في عملية التوظيف أنماطاً من التمييز مُجحفة بحق النساء والأمهات، إذ اتّضح أن احتمال تواصل جهات التوظيف مع المتقدمين للشواغر من نساء أو أمهات، أقل بكثير من احتمال تواصلها مع المتقدمين للشواغر من ذكور أو أشخاص توحي حالتهم بعدم وجود أطفال، حتى وإن تشابهت السير الذاتية المقدمة للشاغر بالكفاءات والخبرات في الحالتَيْن. ما يعنيه ذلك أن أولى مؤشرات التحيز تظهر حتى قبل بدء عملية التوظيف، ما يؤثر على تقييم الطلبات وقبولها. ونظرت مجموعة العمل أيضاً في تأثير اللغة على الانطباعات والقرارات، إذ استنتجت أن المرأة غالباً ما تَحِيد عن التقدم للشواغر التي تتضمن في وصفها مصطلحات وتعبيرات تعتبر بالعادة ذكورية. تؤكد جميع هذه النتائج والاستنتاجات أن التحيزات في طبيعتها معقدة وهي أعمق بكثير من الصور والأمثلة التي نراها في الظاهر، وتشدد على الحاجة الملحة للتعامل مع الصور الخفية الكامنة لهذه المشكلة التي قد تعيق تقدم المرأة وقدرتها على تحقيق ذاتها وتوظيف جميع مقوماتها وإمكانياتها.

وبالإضافة إلى تحليل التوجهات العالمية السائدة، تحدث أعضاء مجموعة العمل عن التحديات التي مرّوا بها شخصياً خلال مسيرتهم المهنية، كان من أهمها التأثير البالغ للعادات والمفاهيم المجتمعية التي كثيراً ما تحمل في طيّاتها تحيزات لا شعورية تُشكِّل نظرة الرجل لنفسه ونظرة المرأة لنفسها، وتؤثر كذلك على نظرة كل منهما للآخر. وتناول النقاش أيضاً التحيزات الواعية وتبعاتها على حرية الاختيار لدى المرأة، مع التركيز على ضرورة نقد العادات المجتمعية المجحفة وتجاوز ما يحدّ منها من فرص التقدم للمرأة. من المهم جداً إدراك أن بعض المفاهيم الثقافية، مثل فكرة “حاجة المرأة لحماية الرجل” قد تكون نشأت في الأساس من حسن نية، لكن تطبيقها في مكان العمل قد يحدّ من خيارات المرأة وفرص نموها.

وأوضح النقاش أن الأصعبَ حتى من معالجة التحيزات الواعية هو التعامل مع التحيزات غير الواعية الكامنة في العقل الباطن، فقد يكون مدراء التوظيف غير مدركين أصلاً أن تفكيرهم يقودهم لا شعورياً إلى التمييز ضد المرأة أو شريحة معينة من الإناث. ومن النقاط المثيرة للاهتمام التي طُرِحت في النقاش أن التحيزات غير الواعية قد تكون متأصلة عند المرأة ذاتها، وأنها تؤدي إلى انتشار المواقف والتصرفات المتحيزة ولو كان ذلك بصورة غير مقصودة. في الحقيقة، قد تتحيز بعض المديرات عن غير قصد ضد الموظفات الأصغر سناً متأثرات بالتوقعات والمفاهيم الثقافية والاجتماعية المحيطة بهن. لذا، من بالغ الأهمية تحديد التحيزات الكامنة عند الرجل وعند المرأة أيضاً والتعامل معها، فذلك أساسيّ وضروري لخلق بيئة عمل عادلة وداعمة ومتنوعة بحق.

وقد أقرّت مجموعة العمل في حديثها التبعات السلبية التي تتسبب بها التحيزات الواعية وغير الواعية في عملية التوظيف، وأكدت الحاجة إلى مراجعة الاستراتيجيات واقتراح التحسينات باستمرار للحد من أضرار هذه الظاهرة. ومن المقرر أن تناقش مجموعة العمل في اجتماعها القادم أفضل الممارسات التي تنتهجها المنظمات المشاركة لمعالجة التحيزات والحد منها ضمن عملية التوظيف. تعي مجموعة العمل وجود أوجه وصور أخرى للتحيز والتمييز في عملية التوظيف إلى جانب التحديات التي حددتها وهي أيضاً بحاجة إلى الدراسة وإيجاد الحلول.