ما الدوافع وراء الحاجة إلى تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة ووضع خطط أكثر فعالية لإدارة المخاطر؟
ما الدوافع وراء الحاجة إلى تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة ووضع خطط أكثر فعالية لإدارة المخاطر؟
مؤلف: إميلدا دنلوب

لقد شاركت، خلال الأسبوع الماضي، بحلقة نقاش معمقة تمحورت حول الحاجة إلى تطبيق أفضل ممارسات حوكمة الشركات ووضع الخطط الأكثر فعالية لإدارة المخاطر المحتملة في الشركات، وأين نحن من هذا الموضوع في هذا الجزء من العالم الذي يعرف بمنطقة الشرق الأوسط.

وتم طرح السؤال بصراحة جدا – ما هي الحاجة التي تدفع شركة كبيرة، راسخة وناجحة في المنطقة، سواء كانت عامة أو خاصة أو مملوكة للدولة، إلى بذل جهد كبير لتنفيذ أفضل ممارسات الحوكمة؟

ويُعتقد في كثير من الأحيان أن هذا السؤال يتعلق بشكل مباشر بالشركات المتخصصة في قطاع الخدمات المالية. ومن السهل جداً معرفة الأسباب الكامنة وراء هذا الاعتقاد، فلطالما كانت سمعة هذا القطاع عرضة للانتقادات، والملامة، ولفرض المزيد من التشريعات منذ الأزمة المالية العالمية التي بدأت في العام 2008.

كما تتوقعون، باعتقادي أن الجدال الحاصل حول تطبيق أفضل ممارسات حوكمة الشركات سببه عدم إيمان كل من القطاعات والمنطقة بفعالية هذه التطبيقات. هناك حالة عمل مقنعة تتطلب بذل المزيد من الجهود هذا المجال، شرط أن يكون الدافع الإيمان بهذه الحالة بدءاً من مجلس الإدارة، وتضمين هذا الإيمان في ثقافة وقيم الشركة. وانا اتحدث هنا عن أهمية الحوكمة، وإدارة المخاطر، والامتثال كونها في صميم السياسة المتبعة لتسيير الأعمال، بدلا من كونها مجرد حبر على ورق.

وفي مقالة رائعة نُشرت مؤخرا من قبل مركز المشروعات الدولية (CIPE)، ناقش فيها جون سوليفان وآنا نادجرودكيفيتش حقيقة تنامي الاعتراف الدولي بأهمية حوكمة الشركات كونها أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في نجاح الأعمال التجارية في الدول الناشئة، والأسواق المتقدمة على حد سواء. ويعود السبب وراء ارتباط الحوكمة بالشركات والدول إلى كونها تتناول القضايا الحيوية المرتبطة بأداء الشركات، بدءاً من اختيار مجلس الإدارة وصناع القرار، وصولاً إلى كيفية تسيير الأعمال وتطبيق نظم الامتثال. ولطالما ارتبطت حوكمة الشركات بكبرى الشركات المدرجة في بورصة الأسواق المتقدمة، وبقدرة هذه الشركات على زيادة رأس المال الخارجي. وخلاصة الموضوع هي أن، وبغض النظر عن حجم الشركة أو موقعها أو أشكال ملكيتها، وضع الأطر لاتخاذ قرارات فعالة، تتسم بالشفافية وتخضع للمساءلة، قد يساهم في تحقيق الفوائد التجارية.

وأصبحت هذه الفوائد التجارية تلقى رواجاً أكبر في منطقة الشرق الأوسط، وتبقى معاناة العديد من الشركات تكمن في كيفية تطبيق هذه التغيرات بشكل أكثر فعالية.

وفي بحثنا الأخير حول ممارسات الحوكمة في الشركات العائلية في دول مجلس التعاون الخليجي، وجدنا أن العديد من الشركات العائلية تبحث بجدية كيفية انتقال مقاليد السلطة إلى الجيل القادم، وأن تدوين وترسيخ القيم، والقواعد، والنهج المتبع في تسيير الأعمال هو المفتاح للحد من قضايا الصراع والخلافة، وضمان انتقال ناجح للسلطة من جيل إلى آخر.

ويبقى العامل الرئيسي الذي من شأنه معالجة جميع هذه التحديات هو تطبيق أفضل ممارسات الحوكمة الرشيدة والكفاءة في إدارة الأزمات والحد من المخاطر. ويؤكد تطبيق هذه الممارسات على وجود اقتراحات استثمارية صلبة، ويضمن الدقة في تطبيق جميع الأنشطة في مختلف الأسواق، إضافة إلى الإطار المناسب الذي من شأنه التمييز بين مصالح الشخصية وتلك الخاصة بعالم الأعمال.

أعتقد أن وجود قيادة حكيمة للشركات يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأداء وممارسات الحوكمة الرشيدة. وأرى أن هناك توجه كبير لدى شركات المنطقة لبذل مزيد من الجهود لتأليف مجالس إدارة أكثر ديناميكية، على سبيل المثال، وذلك من خلال إدخال التنوع ، وتعيين أعضاء مجلس إدارة مستقلين. ومن بين الأمور الأخرى الواجب أخذها بعين الاعتبار أن كفاءة مجلس الإدارة تعتمد على قدرة أعضائه على التغاضي عن مصالحهم الشخصية ووضع مصالح الشركة فوق كل اعتبار. ويتوجب عليهم أيضاً اتخاذ قرارات واعية، تتسم بالمسؤولية وترتقي إلى مستوى الاستعداد لمواجهة أي مخاطر قد تنتج عنها. وتعتبر الأخلاق، والسلوك المتبع في عالم الأعمال، وكيفية إدارة الأزمات من الأمور الأساسية التي يُبنى عليها نجاح الشركات. لقد رأينا العديد من الفضائح التي ارتبطت بعدد من الشركات نتيجة لاتخاذ قرارات غير مسؤولة، ووجود هفوات في الحكم وسبل معالجة الخلافات، وهذا يذكرنا بالقول الشهير لوارين بافيت: ” يستلزم الأمر 20 سنة لبناء سمعة طيبة، وخمس دقائق لتدمير هذه السمعة. إذا فكرت من هذا المنظور، فستؤدي أشياء كثيرة بشكل مختلف.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سجل للحصول على اخر اخبارنا

سجل في نشرتنا بعنوان بريدك الإلكتروني حتى تكون أول من يعلم بآخر مستجدات موائدنا المستديرة ومنشوراتنا


    Sign up for our Newsletter

    Register your email with us and be the first to know about our latest roundtables and publication.