هل هذه هي نهاية الفساد المؤسسي في الشرق الأوسط؟
هل هذه هي نهاية الفساد المؤسسي في الشرق الأوسط؟
مؤلف: بدر جعفر، مؤسس، مبادرة بيرل

مقالة هذا الأسبوع هي نتاج لمنتدى أريبيان بيزنس ومبادرة بيرل، المنعقد في 19 مايو في دبي.

يمكن الاطلاع على المقالة الأصلية على الرابط http://www.arabianbusiness.com/the-end-of-corporate-corruption-in-middle-east–551401.html

انتهاء الفساد المؤسسي في الشرق الأوسط. قد يبدو هذا عنواناً صحفياً قوياً، لكن بالتعمق أكثر في التفاصيل، متى تتحول هذه العبارة من مجرد شعار مأمول إلى واقع حقيقي لبيئة العمل المؤسسي في المنطقة؟ وهل يمكن تحقيق ذلك؟

يُعتبر الشرق الأوسط جائزة ومصدراً لرأس المال والسيولة سواءً لمجتمع الأعمال العالمي الذي يسعى للاستثمار في المنطقة أو للأسواق الدولية التي تسعى لتحقيق أرباح من هذه المنطقة. ومع ذلك، فإن فكرة افتقار المنطقة إلى الشفافية والمساءلة تمثل عائقاً في الغالب، ليس فقط أمام الاستثمارات القادمة، بل أيضاً أمام استمرار الشراكات التجارية نظراً للمتطلبات التشريعية الصارمة على نحو متزايد في بلدان مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

وهذه الفكرة لم تأت من فراغ بكل تأكيد. فقد حلت خمس دول عربية في المراكز العشرة الأخيرة على مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته مؤسسة الشفافية الدولية لعام 2013. وتصدرت دولة الإمارات، التي تعد إحدى الاقتصاديات الأكثر عولمة في الشرق الأوسط، العالم العربي على المؤشر إذ حلت في المرتبة السادسة والعشرين من بين 177 دولة. وتلتها قطر في المركز الثامن والعشرين ثم البحرين وعمان والسعودية في مراكز ليست بعيدة عن ذلك.

وما نحن بحاجة للتأكد منه هو ما إذا كان لهذه التصورات والأفكار أساس تستند إليه، ويبدو أنها كذلك. وتوضح دراسة استقصائية أجرتها مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبرز في شهر مارس السبب في أن 21 في المائة من الشركات العاملة في المنطقة قد وقعت ضحية لصورة من صور الجريمة الاقتصادية. وتكبدت 12 في المائة من هذه المجموعة خسائر بقيمة بلغت 5 ملايين دولار على مدار السنتين الماضيتين، وتحملت نصفها خسائر تجاوزت 100 مليون دولار بسبب الفساد المؤسسي.

وعند البحث عن حل لهذا الوضع وتحقيق طموح “انتهاء الفساد المؤسسي في الشرق الأوسط”، أرى مسارين. الأول، أن التنظيم الحكومي يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في توفير إطار عمل للقطاعين العام والخاص يستطيعان أن يعملا من خلاله. غير أن هذا وحده لن يقضي أبداً على المشكلة، وهذا ما شهدناه حتى في أكثر الأسواق تطوراً.

ويؤدي التشريع والتنظيم عند إدارته على نحو مناسب إلى الامتثال أو بذل أقل جهد ممكن بهدف الوفاء بالمعايير المفروضة. وإذا اتبعنا نهج “سد الخانات” هذا على مستوى المؤسسات، فإننا ربما نستوفي المتطلبات لكننا لا نخلق بذلك حركة مستدامة نحو رفع مستوى المساءلة والشفافية.

لهذا يُعد المسار الثاني، المتعلق بالدور الريادي للقطاع الخاص، في غاية الأهمية. وهذا الدور الريادي هو الذي يمكن قادة الأعمال من اتخاذ الخطوة الطوعية بتجاوز الحد الأدنى من المتطلبات وترسيخ مبدأ الحوكمة الرشيدة داخل مؤسساتهم ومؤسسات من يعملون معهم.

وحتى يتم العمل بهذه الممارسات الجيدة بصدق، يلزم الاعتراف بأنها على صلة مباشرة بالمحصلة النهائية. فأية شركة ستكتسب مزايا تنافسية عن نظيراتها عن طريق دمج هذه الممارسات في مدونة قواعد سلوكها. وتستطيع الحوكمة المؤسسية مساعدة الشركات في جذب رأس المال والعملاء وشركاء الأعمال والموظفين. وببساطة، هي مفيدة للعمل.

بدون دور ريادي قوي للقطاع الخاص يخلق ثقافة سائدة قوامها الضوابط الداخلية، تزيد بشكل كبير فرص خلق بيئة ينمو فيها الفساد. ففي حين أن المسار الأول يُعد بمثابة تدبير وقائي، تعمل الضوابط على تعزيز ذلك التدبير من خلال الاكتشاف والاستئصال.

في رأيي أنه ليس مستحيلاً أن نتصور سيناريو لا يوجد فيه عملياً أي فساد مؤسسي في منطقتنا، مع وجود تنظيم وثقافة مؤسسية تقود نحو تحقيق ذلك. لكن هل يعتبر هذا الطموح حافزاً كافياً لتغيير السلوك؟ إذا تحققت ميزة اقتصادية أكبر من خلال الوسائل المشروعة والملتزمة بالمبادئ، يضعف الحافز لارتكاب النشاط الجنائي إلى أقصى حد ممكن، ولا يتبقى سوى الحافز على التحلي بالسلوكيات القويمة.  إن الفساد المؤسسي في الخليج ليس هو القاعدة على الإطلاق. وقد أصبح يُنظر إليه على نحو متزايد على أنه استثناء. بيد أن هذا لا يعني أنه لا ينبغي علينا السعي لاجتثاثه نهائياً من المنظومة.

بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع، ومؤسس مبادرة بيرل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سجل للحصول على اخر اخبارنا

سجل في نشرتنا بعنوان بريدك الإلكتروني حتى تكون أول من يعلم بآخر مستجدات موائدنا المستديرة ومنشوراتنا


    Sign up for our Newsletter

    Register your email with us and be the first to know about our latest roundtables and publication.