الهدية الصغيرة تنتهي برشوة كبيرة
الهدية الصغيرة تنتهي برشوة كبيرة
مؤلف: نيكي يولدن

الرشوة والفساد- قضايا تبدأ بهدايا صغيرة وتنتهي بمخاطر كبيرة. إنها إحدى أبسط الطرق لإلقاء الضوء على واحدة من أخطر القضايا الهامة التي تواجه قطاع الأعمال في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، لقد ناقشنا فكرة  تقديم الهدايا كوسيلة لتحقيق مصلحة شخصية خلال جلسة النقاش الأخيرة حول هذا الموضوع، والتي اُقيمت في 28 مايو في دبي. وكان لهذه الخطوة دور فعال في توعية شركائنا ومجتمع الأعمال الأوسع  حول بعض المخاطر التي تتعلق بممارسات مكافحة الرشوة والفساد.

وخلال الجلسة، تحدث أحد الرؤساء التنفيذيين المشاركين عن تقديم بعض العملاء هدايا عينية لبعض موظفي الشركة، وذلك بغية الحصول على خدمات أسرع من أقرانهم.

إن تقبل الهدية بحسن نية قد يبدو أمراً عادياً ومقبولاً بالنسبة لأي عامل، فيجد نفسه مضطراً إلى رد الجميل وتقديم المساعدة للطرف الآخر، كمساعدتهم لتخطي بعض الأشخاص في طابور الانتظار. وهنا تكمن الخديعة، فالهدية التي تظهر وكأنها منزهة عن الغاية، قد تفتح الطريق أمام احتمالات تحولها إلى رشوة كبيرة.

وقد يتطور الأمر وتصبح هذه الهدية غير كافية للوصول إلى الهدف المنشود، حيث يتم استهداف الموظفين ذوي المناصب العليا وإغرائهم من خلال تقديم هدايا باهظة الثمن، الأمر الذي يُعرف في ثقافة بعض الشركات بمسمى” دفعات التيسير”.  وتعمد بعض الشركات أيضاً إلى إدراج بعض الممارسات تحت مسمى “دفعات التيسير” في حين أنها تعد بمثابة رشوة صريحة وواضحة. (وعرفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية دفعات التيسير على أنها مبالغ صغيرة تُدفع لغرض تعجيل أداء مهمة روتينية سيتم إنجازها بكل الأحوال، وليس لغرض الحصول أو الاحتفاظ بالأعمال التجارية، أو الحصول على ميزات أخرى غير مستحقة).

ويبقى الأمر الأكثر إلحاحاً هو فرض ثقافة قوية معاكسة. قد لا يكون الأمر غاية في السهولة، وقد نواجه بعض الصعاب على المدى القصير، لكنه أمر ضروري لضمان تحقيق المكاسب على المدى الطويل.

يمكن إثبات القدرة على تحقيق تلك المكاسب بعيدة المدى من خلال التشريعات الدولية ( كقانون الممارسات الأجنبية الفاسدة في الولايات المتحدة الأميركية، وقانون مكافحة الرشوة في المملكة المتحدة) التي تحظر تورط الشركات في أي نشاط قد يندرج تحت إطار الرشوة والفساد. ولا حدود لهكذا تشريعات، وتنطبق على أي شركة لديها تعاملات مع الشركات المتعددة الجنسيات الخاضعة لهذه القوانين.

في الواقع، وتحديداً في هذه المنطقة، تُعد الشركات العائلية هي الشركات الأكثر التزاماً بهذه التشريعات من خلال اتباعها لسياسات صارمة لمكافحة الرشاوى والفساد.

ويبقى الخيار الطبيعي لكبرى العلامات التجارية في العالم، والتي تسعى إلى تعزيز وضعها في المنطقة، هو إبرام اتفاقيات شراكة مع الشركات العائلية. وفي ظل وجود هذه التشريعات، يصبح من الضروري إبرام هذه الاتفاقيات مع المؤسسات التي تواجه حداً أدنى من المخاطر من ناحية القانون والامتثال.

وفيما يتعلق بقضايا حوكمة الشركات والمساءلة والشفافية، يتوجه الناس إلينا غالباً بسؤال:”ما هي ميزة  أن نكون أول من يلتزم بتلك المبادئ ، ولماذا لا يتم انتظار شركات أخرى لتكون هي السباقة لتقييم أدائها قبل اتخاذ خطوات مماثلة؟ أعتقد أن تبني سياسات لمكافحة الرشوة والفساد في قطاع الأعمال لا تحتمل سوى سؤال واحد هو: “ما هي الخطوات الواجب اتباعها لتنفيذ تلك المبادئ اليوم؟

نحن في مبادرة بيرل نعمل على تنظيم العديد من الفعاليات الهادفة إلى مساعدة الشركات على فهم واقع قطاع الأعمال وضرورة تطبيق معايير أعلى من الحوكمة. إن الرؤى المشتركة التي تطرح خلال تلك الفعاليات هي هدية يمكن تعميمها من خلال المؤسسة لما فيه من خير لمصلحة الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سجل للحصول على اخر اخبارنا

سجل في نشرتنا بعنوان بريدك الإلكتروني حتى تكون أول من يعلم بآخر مستجدات موائدنا المستديرة ومنشوراتنا


    Sign up for our Newsletter

    Register your email with us and be the first to know about our latest roundtables and publication.