في المنتدى الاقتصادي العالمي
كنت مؤخرا في المنتدى الاقتصادي العالمي بالمكتب الرئيسي في جنيف لحضور اجتماع فرقة العمل العالمية لمبادرة المشاركة ضد الفساد المعروف باسم (PACI)، وهذه المبادرة للمنتدى الاقتصادي العالمي هي عبارة عن تحالف متزايد من الشركات الملتزمة والفعالة في جميع أنحاء العالم بهدف القضاء على الرشوة والفساد. كخطوة أولى يتم التوقيع على مبادئ PACI ومن خلال هذه المبادئ تلتزم الشركات بالتنفيذ الصارم لمكافحة جميع ممارسات الرشوة والفساد في كافة أنحاء مؤسساتهم وقيمهم الأساسية، فمن خلال بناء تحالف فعال من الشركات الملتزمة يمكن رفع مستوى الوعي بشأن القضايا وتطبيق المبادئ ونشر الممارسات الجيدة وتشجيع المزيد من الشركات لاتخاذ إجراءات مماثلة.
كان مما تردد بصوتٍ عال وواضح في اجتماع فرقة العمل هو الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات جدية ومنسقة لمكافحة الفساد الذي لم يعد شيئا يمكن بأي حال ارتكابه بحجة أنه مجرد صفقات في قطاعات معينة، أو أنه شقاً مزعجاً من الأعمال ولكنه مقبول لإنجاز الأمور في البلدان النامية، فالفساد لا يفيد الأعمال في شيء ولكنه يشوه الأسواق، ويضعف القدرة التنافسية، ويخنق النمو الاقتصادي، ويميت روح المبادرة، ويمنع الشركات من المنافسة من منطلق أنهم الأفضل فيما يفعلونه. والأكثر سوءا من هذا هو أن الفساد يؤدي أيضا إلى تقويض الأطر القانونية وتمكين الجريمة المنظمة بشكل يسمح لها بالنمو والازدهار. والفساد المستشري هو واحد من أهم المخاطر العالمية الخمسون التي نواجهها، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، فهو وثيق الصلة بمخاطر عالمية أخرى تهدد مستقبلنا الاجتماعي والاقتصادي، مثل إهمال البنية التحتية وتفاوت الدخل وجرائم الانترنت.
الخسائر المالية للاقتصاد الناتجة عن الفساد تعتبر هائلة – نحو 120 مليار يورو في العام الواحد تضيع بسبب ممارسات الفساد في الاتحاد الأوروبي (EU) وحده – وهذا الرقم يمثل 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، فيتم إنفاق مبلغ مذهل وهو 1 تريليون دولار أمريكي سنويا على الرشاوى وفقا لبعض التقديرات، ولا يمكن أن نظن أن هذا الأمر يفيد الأعمال في شيء أو أنه يفيد اقتصادنا أو مستقبلنا. يجب أن يتم اتخاذ إجراءات إيجابية تعاونية ومتضافرة من قبل هذا التحالف من الشركات كأحد أهم السبل التي يمكننا من خلالها البدء في مواجهة هذه القضايا.