الثقة والشفافية
مؤلف: إميلدا دانلوب

قد تشرفت مبادرة بيرل خلال اجتماع مجلس التكامل المنعقد مؤخرا في الجامعة الأمريكية بالشارقة بحضور البارونة أونورا أونيل إلى حرم الجامعة ذلك اليوم حيث أنها أحد أعضاء مجلس أمناء الجامعة. إن البارونة أونيل هي خبيرة عالمية في مجال السلوك والأخلاقيات المهنية وقد وافقت على المشاركة في اجتماع مجلس التكامل لمشاركة بعض أفكارها حول “المساءلة الذكية”. ويمكنكم الاطلاع على محاضراتها حول موضوع الثقة (سلسلة محاضرات ريث 2002) من خلال زيارة الموقع التالي: http://www.bbc.co.uk/radio4/reith2002/. كما أوصت أيضا بمطالعة كتاب “الإفصاح الكامل: الوعود والمخاوف المتعلقة بالشفافية” لأرشون فونغ (2007).

وقد كانت آراء وتعليقات البارونة مدعاة للتفكير، وأود من خلال مدونة هذا الأسبوع أن أشارككم بعض الأفكار التي استخلصتها من هذا النقاش.

تعد الثقة من الجوانب الأساسية اللازمة عند عقد مناقشة حول الأعمال أو عند التفاوض بشأن صفقات أو شراء أو بيع منتج معين أو تطوير علاقة الشراكة بين طرفين. فإن الثقة والسمعة عاملين مترابطين بدرجة كبيرة، كما أن القول المأثور بأن “بناء السمعة يحتاج إلى سنوات أما تدميرها فلا يستغرق سوى دقائق” قول حقيقي بكل تأكيد.

غالبا ما نسمع أن العالم يعاني من “أزمة ثقة”، حيث أن معظم الآراء والاستفتاءات تشير إلى أن البنوك والشركات الكبيرة والسياسيين يحظون بدرجة من الثقة أقل بكثير من ذي قبل وأن العالم في حاجة إلى المزيد من الثقة. وقد أظهرت الفضائح التي تعرضت لها بعض الشركات الضخمة إلى أن المؤسسات التي تقوم عمدا بالخداع والتضليل سوف تدفع ثمن ذلك غاليا. فإن الخداع هو عدو الثقة. ويعتمد اتخاذ القرار بشأن من يمكننا الثقة بهم أو عدم الثقة بهم هو القرار الرئيسي الواجب اتخاذه عند إجراء مناقشة أو معاملة. ويعد ذلك من الصعوبة بمكان حيث أن استخدام تقنية التواصل عن بعد آخذ في الزيادة بدلا من المناقشة والتعامل وجها لوجه – لم يعد النظر إلى الشخص بشكل مباشر من عناصر الحكم على الشخص والثقة به- ولكن يتوجب علينا إصدار هذه الأحكام في جميع الأحوال.

يشير الاستخدام المتزايد للتقنيات الحديثة أيضا إلى أننا نعيش في عصر “الشفافية المفرطة” نتيجة لاستمرار زيادة حجم المعلومات المتاحة عبر الإنترنت، الأمر الذي من المفترض أن يجعلنا نعتقد بأن زيادة الشفافية يؤدي إلى رفع درجة الثقة، إلا أن الزيادة المفرطة للمعلومات يزيد صعوبة التفريق بين الحقائق والشائعات وبين الحقيقة والخداع –  من الذي يمكننا تصديقه وكيف يمكننا تحديد ذلك؟ من الناحية المؤسسية، إن الحقيقة المؤكدة هي أن سقف التوقعات المرتفع والتدقيق لازالت قائمة- وليس هناك مهرب منها.

ومن أجل تحقيق فعالية البيئات الرقابية في تعزيز المساءلة، يجب التركيز على هدف الحد من الخداع وتعزيز السلوك الجدير بالثقة بدلا من تعزيز مبدأ الشفافية بصفة عامة لمجرد تحقيق الشفافية في حد ذاتها. كما أن أخذ مدى القابلية للتطبيق يعد من الأهمية بمكان، حيث يجب أن تكون متطلبات الرقابة تناسبية– فإذا استغرقت عملية توثيق الالتزام وقتا أطول من تنفيذ المهمة نفسها قد يتسبب ذلك في تدمير القيمة المرجو تحقيقها.

يتعين على الشركات التي ترغب في أن تكون سمعتهما مبنية على الثقة أن تظهر أولاً أنها جديرة بهذه الثقة فضلاً عن التواصل مع أصحاب المصلحة بطريقة تتسم بالذكاء. تشكل الشفافية عاملاً من عوامل المساءلة إذا كانت واضحة وسهلة وتصل إلى الجمهور المستهدف بشكل فعال. إن التقارير المالية للشركات التي تكون طويلة أو معقدة أو تستخدم العديد من العبارات غير المفهومة تعد غير ذات فائدة بالنسبة للقارئ. تبذل مبادرة بيرل جهداً كبيراً من أجل المساعدة في دعم التقدم على طريق إعداد تقارير متكاملة إيماناً منها بأن الدمج الاستراتيجي والمختصر والفعال للقيم والجوانب المالية وغير المالية للأعمال يعد من طرق استخدام الشفافية من أجل المساعدة في بناء المساءلة والسلوك الجدير بالثقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سجل للحصول على اخر اخبارنا

سجل في نشرتنا بعنوان بريدك الإلكتروني حتى تكون أول من يعلم بآخر مستجدات موائدنا المستديرة ومنشوراتنا


    Sign up for our Newsletter

    Register your email with us and be the first to know about our latest roundtables and publication.